الأحد، 1 ديسمبر 2019

قصيدة مدح الأمير خالد البجلي وأهله من بني صعب البجليين

الثابت بالمراجع بأن آل صعب البجليين أو بني صعب هم بطن من قبيلة بجيلة ؛ وهم : بنو صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن أفصى بن نذير بن قسر بن عبقر البجلي ؛ وينقسم بنو صعب البجليين إلى عدة بطون وفروع ؛ منهم بطن شق ؛ وبطن بجالة الذي ترجع إليه قبيلة بجالة المعاصرة بالحجاز والكويت والعراق وغيرها . 
أما بطن شق فقد أشتهر منه الأمير خالد بن عبدالله القسري البجلي الذي حكم العراق حقبة من الزمن أيام الدولة الأموية ؛ وللأمير خالد ترجمة طويلة في كتاب (أعلام بجيلة وخثعم) للدكتور عبدالعزيز بن مساعد الياسين البجلي ، وتحدث عنه أيضاً الدكتور محمد بن حمدان المالكي البجلي في كتابه (كرماء العرب) .
والأمير خالد هو الذي مدحه الشاعر جرير بن عطيه الخطفي التميمي في قصيدة طويلة ذكر فيها الأمير خالد وأسلافه من آل صعب البجليين ، والقصيدة كالتالي :

لَعَلَّ فِراقَ الحَيِّ لِلبَينِ عامِدي ** عشِيَّةَ قاراتِ الرُحَيلِ الفَوارِدِ
لَعَمرُ الغَواني ما جَزَينَ صَبابَتي ** بِهِنَّ وَلا تَحبيرَ نَسجِ القَصائِدِ
وَكَم مِن صَديقٍ واصِلٍ قَد قَطَعنَهُ ** وَفَتَّنَّ مِن مُستَحكِمِ الدينِ عابِدِ
فَإِنَّ الَّتي يَومَ الحَمامَةِ قَد صَبا ** لَها قَلبُ تَوّابٍ إِلى اللَهِ ســـــاجِدِ
رَأَيتُ الغَواني مولِعاتٍ لِذي الهَوى ** بِحُسنِ المُنى وَالبُخلِ عِندَ المَواعِدِ
لَقَد طالَ ما صِدنَ القُلوبَ بِأَعيُنٍ ** إِلى قَصَبٍ زَينِ البُرى وَالمَعاضِدِ
أَتُعذَرُ إِن أَبدَيتَ بَعدَ تَجَلُّـــدٍ ** شَـــواكِلَ مِن حُــبٍّ طَريفٍ وَتالِـــدِ
وَنَطلُبُ وُدّاً مِنكِ لَو نَستَفيدُهُ  **  لَكانَ إِلَينا مِن أَحَــبِّ الفَــوائِدِ
فَلا تَجمَعي ذِكرَ الذُنوبِ لِتَبخَلي ** علَينا وَهِجرانَ المُدِلِّ المُباعِدِ
إِذا أَنتَ زُرتَ الغانِياتِ عَلى العَصا ** تَمَنَّينَ أَن تُسقى دِماءَ الأَساوِدِ
أَعِفُّ عَنِ الجارِ القَريبِ مَزارُهُ ** وَأَطلُبُ أَشطانَ الهُمومِ الأَباعِدِ
لَقَد كانَ داءٌ بِالعِراقِ فَما لَقوا  **  طَبيباً شَفى داءهُم مِثلَ خالِــدِ
شَفاهُم بِرِفقٍ خالَطَ الحِلمَ وَالتُقى ** وَسيرَةِ مَهدِيٍّ إِلى الحَقِّ قاسِدِ
فَإِنَّ أَميرَ المُؤمِنينَ حَباكُمُ ** بِمُستَبصِرٍ في الدينِ زَينِ المَساجِدِ
وَإِنّا لَنَرجو أَن تُرافِقَ رُفقَةً  **  يَكونونَ لِلفِردَوسِ أَوَّلَ وارِدِ
فَإِنَّ اِبنَ عَبدِ اللَهِ قَد عُرِفَت لَهُ ** مَواطِنُ لا تُخزيهِ عِندا المَشاهِدِ
فَأَبلى أَميرَ المُؤمِنينَ أَمانَةً ** وَأَبلاهُ صِدقاً في الأُمورِ الشَدائِدِ
إِذا ما أَرادَ الناسُ مِنهُ ظُلامَةً ** أَبى الضَيمَ فَاِستَعصى عَلى كُلِّ قائِدِ
وَكَيفَ يَرومُ الناسُ شَيئاً مَنَعتَهُ ** هوى بَينَ أَنيابِ اللُيوثِ الحَوارِدِ
إِذا جَمَعَ الأَعداءُ أَمرَ مَكيدَةٍ  **  لِغَدرٍ كَفاكَ اللَهُ كَيدَ المُكايِدِ
تُعِدُّ سَرابيلَ الحَديدِ مَعَ القَنا ** وَشُعثَ النَواصي كَالضِراءِ الطَوارِدِ
إِذا ما لَقيتَ القِرنَ في حارَةِ الوَغى ** تَنَفَّسَ مِن جَيّاشَةٍ ذاتِ عانِدِ
وَإِن فَتَنَ الشَيطانُ أَهلَ ضَلالَةٍ ** لَقوا مِنكَ حَرباً حَميُها غَيرُ بارِدِ
إِذا كانَ أَمنٌ كانَ قَلبُكَ مُؤمِناً ** وَإِن كانَ خَوفٌ كُنتَ أَحكَمَ ذائِدِ
وَما زِلتَ تَسمو لِلمَكارِمِ وَالعُلى ** وَتَعمُرُ عِزّاً مُستَنيرَ المَوارِدِ
إِذا عُدَّ أَيّامُ المَكارِمِ فَاِفتَخِر ** بِآبائِكَ الشُمِّ الطِوالِ السَواعِدِ
فَكَم لَكَ مِن بانٍ طَويلٍ بِناؤُهُ ** وَفي آلِ صَعبٍ مِن خَطيبٍ وَوافِدِ
يَسُرُّكَ أَيّامَ المُحَصَّبِ ذِكرُهُم ** وَعِندَ مَقامِ الهَديِ ذاتِ القَلائِدِ
تَمَكَّنتَ في حَيِّي مَعَدٍّ مِنَ الذُرى ** وَفي يَمَنٍ أَعلى كَريمِ المَوالِدِ
فُروعٍ وَأَصلٍ مِن بَجيلَةَ في الذُرى ** إِلى اِبنِ نِزارٍ كانَ عَمّاً وَوالِدِ
حَمَيتَ ثُغورَ المُسلِمينَ فَلَم تُضِع ** وَما زِلتَ رَأساً قاَئِداً وَاِبنَ قائِدِ
فَإِنَّكَ قَد أُعطيتَ نَصراً عَلى العِدى ** فَأَصبَحتَ نوراً ضَوءُهُ غَيرُ خامِدِ
بَنَيتَ بِناءً ما بَنى الناسُ مِثلَهُ  **  يَكادُ يُساوى سورُهُ بِالفَراقِدِ
وَأُعطيتَ ما أَعيا القُرونَ الَّتي مَضَت ** فَنَحمَدُ مِفضالاً وَلِيَّ المَحامِدِ
إِنَّ الَّذي أَنفَقتَ حَزمٌ وَقُوَّةٌ ** فَأَبشِر بِأَضعافٍ مِنَ الرِبحِ زائِدِ
لَقَد كانَ في أَنهارِ دِجلَةَ نِعمَةٌ ** وَحُظوَةُ جَدٍّ لِلخَليفَةِ صاعِدِ
عَطاءَ الَّذي أَعطى الخَليفَةَ مُلكَهُ ** وَيَكفيهِ تَزفارُ النُفوسِ الحَواسِدِ
جَرَت لَكَ أَنهارٌ بِيُمنٍ وَأَسعُدٍ ** إِلى جَنَّةٍ في صَحصَحانِ الأَجالِدِ
يُنَبِّتنَ أَعناباً وَنَخلاً مُبارَكاً ** وَأَنقاءَ بُرٍّ في جُرونِ الحَصائِدِ
إِذا ما بَعَثنا رائِداً يَبتَغي النَدى  **  أَتانا بِحَمدِ اللَهِ أَحمَدَ رائِدِ
فَهَل لَكَ في عانٍ وَلَيسَ بِشاكِرٍ ** فَتُطلِقَهُ مِن طولِ عَضِّ الحَدائِدِ
يَعودُ وَكانَ الخُبثُ مِنهُ سَجِيَّةً ** وَإِن قالَ إِنّي مُعتِبٌ غَيرُ عائِدِ
نَدِمتَ وَما تُغني النَدامَةُ بَعدَما ** تَطَوَّحتَ مِن صَكِّ البُزاةِ الصَوائِدِ
وَكَيفَ نَجاةٌ لِلفَرَزدَقِ بَعدَما ** ضَغا وَهوَ في أَشداقِ أَغلَبَ حارِدِ
أَلَم تَرَ كَفَّي خالِدٍ قَد أَفادَتا ** عَلى الناسِ رِفداً مِن كَثيرِ الرَوافِدِ
بَني مالِكٍ إِنَّ الفَرَزدَقَ لَم يَزَل ** كَسوباً لِعارِ المُخزِياتِ الخَوالِدِ
فَلا تَقبَلوا ضَربَ الفَرَزدَقِ إِنَّهُ ** هوَ الزيفُ يَنفي ضَربَهُ كُلُّ ناقِدِ
وَإِنّا وَجَدنا إِذ وَفَدنا عَلَيكُمُ ** صُدورَ القَنا وَالخَيلَ أَنجَحَ وافِدِ
أَلَم تَرَ يَربوعاً إِذا ما ذَكَرتُهُم ** وَأَيّامَهُم شَدّوا مُتونَ القَصائِدِ
فَمَن لَكَ إِن عَدَّدتَ مِثلَ فَوارِسي ** حَوَوا حَكَماً وَالحَضرَمِيَّ بنَ خالِدِ
أَسالَ لَهُ النَهرَ المُبارَكَ فَاِرتَمى ** بِمِثلِ الرَوابي المُزبِداتِ الحَواشِدِ
فَزِد خالِداً مِثلَ الَّذي في يَمينِهِ  **  تَجِدهُ عَنِ الإِسلامِ أَكرَمَ ذائِدِ
كَأَنّي وَلا ظُلماً أَخافُ لِخالِدٍ ** مِنَ الخَوفِ أُسقى مِن سِمامِ الأَساوِدِ
وَإِنّي لَأَرجو خالِداً أَن يَفُكَّني  **  وَيُطلِقَ عَنّي مُقفَلاتِ الحَدائِدِ
تَكَشَّفَتِ الظَلماءُ عَن نورِ وَجهِهِ ** لِضَوءِ شِهابٍ ضَوءُهُ غَيرُ خامِدِ
أَلا تَذكُرونَ الرِحمَ أَو تُقرِضونَني ** لَكُم خُلُقاً مِن واسِعِ الخُلقِ ماجِدِ
لَكُم مِثلُ كَفَّي خالِدٍ حينَ يَشتَري  **  بِكُلِّ طَريفٍ كُلَّ حَمدٍ وَتالِدِ
فَإِن يَكُ قَيدي رَدَّ هَمّي فَرُبَّما ** تَناوَلتُ أَطرافَ الهُمومِ الأَباعِدِ
مِنَ الحامِلاتِ الحَمدِ لَمّا تَكَشَّفَت ** ذَلاذِلُها وَاِستَوأَرَت لِلمُناشِدِ
فَهَل لِاِبنِ عَبدِ اللَهِ في شاكِرٍ لَهُ ** بِمَعروفٍ أَن أَطلَقتَ قَيدَيهِ حامِدِ
وَما مِن بَلاءٍ غَيرَ كُلِّ عَشِيَّةٍ  **  وَكُلِّ صَباحٍ زائِدٍ غَيرِ عائِدِ
يَقولُ لِيَ الحَدّادُ هَل أَنتَ قائِمٌ  **  وَما أَنا إِلّا مِثلُ آخَرَ قاعِدِ
كَأَنّي حَروري ضَلَّهُ فَوقَ كَعبَةٍ  **  ثَلاثونَ قَيناً مِن صَريمٍ وَكايِدِ
وَما إِن بِدينٍ ظاهَروا فَوقَ ساقِهِ ** وَقَد عَلِموا أَن لَيسَ ديني بِنافِدِ
وَيَروي عَلَيَّ الشِعرَ ما أَنا قُلتُهُ  **  كَمُعتَرِضٍ لِلريحِ بَينَ الطَرائِدِ

*******
كتاب (أعلام بجيلة وخثعم) موجود في معرض كتب غوغل (اضغط)